
قصة تعاونية ابن الحسين: من جيل إلى جيل
أنا أيوب، ابن الحسين الشريف وابن الحاج أحمد كروم. أود أن أروي لكم قصة عائلتي، قصة تتجذر في تقاليد وتاريخ يمتد لعقود.
بدأت القصة مع جدي، الحاج أحمد، الذي كان شيخًا متقدمًا في العمر. كان معروفًا في قريتنا بسمعته المرموقة ومقامه المهم. كان ملتزمًا بالصلاة في المسجد، وكانت عمامته البيضاء الفخمة ولباسه الأبيض رمزًا لكرامته واحترامه. كان جدي يعتني بالنحل، ويزرع القمح والشعير، وينتج العسل بيديه. لم يكن يبيع العسل فقط، بل كان يهديه لأفراد العائلة والأقارب، وعندما يمرض أحدهم، كان يقدم لهم العسل الحر لعلاجهم. كانت هذه العادات تعكس كرم أخلاقه ومحبة الناس له.
كبرت في ظل هذه التقاليد، وتعلمت من والدي، الحسين الشريف، الذي كان يحمل شغفًا خاصًا لعالم النحل. في عهده، بدأت مرحلة تسويق العسل وإنتاجه بكميات كبيرة. كان والدي يجمع بين التقاليد والابتكار، ويعمل على توسيع نطاق مبيعاتنا. استثمر الكثير من الموارد في إنشاء أسطول من السيارات، محاولًا تحسين مبيعات العسل.
لكن رغم كل جهوده، لم يوفق والدي في تحقيق تلك الأهداف. سرعان ما انهارت الفكرة، وكانت هناك العديد من الأسباب، منها الافتقار إلى أسس الإدارة والهيكل التنظيمي الضعيف والإدارة السيئة للموارد المالية. ومع مرور الوقت، أصبحت الأمور أكثر تحديًا، وواجهنا منافسة شديدة في السوق.
بعد حصولي على شهادة البكالوريا في علوم الحياة والأرض، اخترت تخصص البيولوجيا في الجامعة. كان هدفي هو تطوير تربية النحل وإنتاج العسل البيولوجي، وأدركت أن المعرفة الأكاديمية ستساعدني في تحقيق هذا الحلم. وما زلت إلى يومنا هذا أقوم بدراسات في علم النحل (Melittology)، أسعى لتوسيع معرفتي وتحسين مهاراتي في هذا المجال.
بعد إنهاء دراستي، لاحظت معاناة والدي مع مشروعه الذي ينهار. كانت عينيه تعكسان الإحباط والخوف من فقدان الإرث الذي بنته عائلتنا عبر الأجيال. في تلك اللحظة، أخذت عهداً على نفسي بأن أسخر كل ما تعلمته في البيولوجيا والتسويق والإدارة لإنقاذ حلم والدي ومشعل العائلة.
في ليلة مظلمة، جلست مع والدي الحسين الشريف. كنت أشعر بالفخر بتراث عائلتنا، لكنني كنت أيضًا محبطًا. قلت له: “أريد أن نكون فخورين بعسلنا من جديد.”
تلك اللحظة كانت نقطة تحول في حياتي. قررت أن أكون أنا من يأخذ الأمور بين يدي. أطلقت على العلامة التجارية الجديدة اسم “تعاونية ابن الحسين”، تكريمًا لجدي ووالدي. كانت هذه خطوة جريئة، لكنها تمثل الأمل والتجديد لعائلتنا.
بدأت بتسويق منتجاتنا بشكل احترافي، مستخدمًا وسائل التواصل الاجتماعي لأصل إلى جمهور أكبر. لم أظهر للناس فقط جودة العسل، بل أيضًا قصة عائلتنا التي تمتد لأجيال. بدأت المبيعات تتزايد، وبدأ الناس يتعرفون من جديد على عسل الحسين.
ومع مرور الوقت، أصبحت “تعاونية ابن الحسين” رمزًا للتميز. بفضل الجهد المتواصل والتفاني، تمكنت من بناء سمعة جديدة قائمة على الجودة والاحترام.
تعلمت أن الإرث لا يعني فقط ما ورثته، بل هو ما أختاره أن أبنيه بنفسي. لقد أعادتني هذه الرحلة إلى جذوري، وأصبحت مصدر إلهام لكل من يسعى لتحقيق أحلامه.